أخبار حقوقيةحقوق الانسان

الإفراج عن الأكاديمي محمد القحطاني والمحامي عيسى النخيفي

السعودية

أطلقت السلطات السعودية أخيرًا سراح اثنين من معتقلي الرأي المدافعين عن حقوق الإنسان، هما: الأكاديمي البارز محمد فهد القحطاني، والمحامي عيسى النخيفي بعد سنوات من الاحتجاز التعسفي بموجب أحكام جائرة في محاكمات غير عادلة، وكلاهما عملت الكرامة على قضيتهما في إطار الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة.

الدكتور محمد القحطاني

الأكاديمي محمد بن فهد القحطاني عضو مؤسس لجمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، أستاذ سابق في معهد الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية السعودية، حاصل على الدكتوراة من جامعة إنديانا الأمريكية، مفكر وناشط حقوقي وسياسي وكاتب، كتب في العديد من الصحف السعودية وكان في كل مرة يتم إيقافه عن الكتابة، قبل أن يعتقل في 9 مارس/ آذار 2013م، ويصدر في حقه حكم بالسجن 10 سنوات ونفس المدة منع من السفر.

أنهى القحطاني محكوميته الجائرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، لكن السلطات بدلا من إطلاق سراحه قررت إعادة محاكمته مجددًا، وهو الأمر الذي اعتبرته الكرامة حينها انتهاكًا صارخًا لمبدأ عدم جواز محاكمة الشخص مرتين بنفس الوقائع، وطالبت بإطلاق سراحه وإنهاء معاناته ومعاناة ذويه بعد كل هذه السنوات من الاحتجاز وسوء المعاملة.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أطلقت زوجة القحطاني مناشدة للكشف عن مصير زوجها الذي انقطعت أخباره، بعد أن قطعت السلطات الاتصال الهاتفي المعتاد بأسرته والمقرر في تأريخ 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، حيث كان يفترض أن تتلقى اتصالا منه في هذا الموعد، لكن السلطات لم تفعل.

وضع القحطاني في مكان احتجاز خاص بالمختلين عقليًا ومرضى نفسيين، في سجن الحائر بالرياض، حيث تعرض للاعتداء الجسدي على يد أحدهم في مايو/ أيار 2022، وتعرض للمضايقات والمعاملة السيئة في السجن مرارًا، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2020 أعلن إضرابًا عن الطعام، وذلك لمنعه من الاتصال بأسرته وحرمانه من الحصول على كتب وأدوية يحتاجها.

المحامي عيسى النخيفي

أما بالنسبة للمحامي عيسى النخيفي، فقد كان ضحية لسلسلة طويلة من الانتهاكات، اضطرّته في أغسطس/ آب 2021 لإعلان إضرابه عن الطعام في محبسه بسجن الحائر في الرياض.

وكانت سلطات الأمن السعودية، ألقت القبض على عيسى النخيفي، المحامي والمدافع البارز عن حقوق الإنسان السعودي، في 18 ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، بعد استجابته لدعوتها للتحقيق معه. وفي17 يناير/ كانون الثاني 2017، وجهت الكرامة نداء عاجلا إلى المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ملتمسة منه دعوة سلطات السعودية إلى الإفراج فورا عن النخيفي.

استجوب النخيفي حول حسابه في تويتر بعد مطالبته بإطلاق سراح أعضاء جمعية الحقوق والسياسية في المملكة العربية السعودية (حسم)، وغيرهم من سجناء الرأي.

ألقي القبض على النخيفي مراتٍ عدة في السابق بسبب نشاطه السلمي، وتمت محاكمته سنة 2013 من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة المكلفة بالنظر في قضايا الإرهاب وأمن الدولة، وفي أبريل/ نيسان 2013، حكم عليه بالسجن ثلاث وأربع سنوات حظر من السفر ومنع من استعمال وسائل التواصل الاجتماعية، ولم يفرج عنه إلا في أبريل 2016.

وفي هذه المرة، انطلقت محاكمة النخيفي أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في 21 أغسطس/ آب 2017، وشملت التهم الموجهة إليه “زعزعة النسيج الاجتماعي والتماسك الوطني”؛ “التواصل مع مجموعات أجنبية معادية للدولة وتلقي الأموال منها” و “استخدام الهاتف والإنترنت لتخزين ونقل معلومات تمس النظام العام”.

وفي فبراير/ شباط 2018 قضت المحكمة الجزائية المتخصصة بسجن النخيفي ست سنوات ومنعه من السفر واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ست سنوات بناءً على أحكام قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية. وفي 7 أبريل/ نيسان 2018، أكدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحق النخيفي.

نشاط الكرامة

بخصوص السيد محمد القحطاني كانت الكرامة قد رفعت بشأنه في تأريخ 13 مارس/ آذار 2013 مذكرة إلى آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وخاصة المقررين الخاصين؛ المعني باستقلال القضاء، والمعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، والمعني بحرية التعبير، والمعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وفريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي، للتدخل لدى السلطات السعودية ومطالبتها بالإفراج عنه والكف عن مضايقة الناشطين الحقوقيين.

وأمام الوضع المتدهور في السعودية وعدم التزام السلطات بتوصيات خبراء لجنة مناهضة التعذيب قدمت الكرامة تقريراً للمتابعة في يونيو/ حزيران 2021 أعادت من خلاله التذكير بالعديد من القضايا، بما في ذلك قضية الأكاديمي محمد القحطاني.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، نشر فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي رأيه رقم (38/2015) في قضية تسعة نشطاء سعوديين اعتقلوا على خلفية نشاطهم في مجال حقوق الإنسان والتعبير عن الرأي، من بينهم محمد القحطاني، وبعد عرض وقائع الاعتقال والمحاكمة، ورد الحكومة عليها، أكد الفريق أن ما تعرض له المعتقلون التسعة يعد اعتقالا تعسفيا، وأن إطلاق سراحهم هو سبيل الانتصاف الأول.

وعلى الرغم من الدعوات المتكررة للإفراج عنه من قبل فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، فضلاً عن إثارة قضيته مرتين في التقرير السنوي للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأعمال الانتقامية، ظل القحطاني رهن الاحتجاز حتى الآن.

كذلك بخصوص المحامي عيسى النخيفي، كانت قضيته ضمن أعمال الكرامة أيضًا، ففي أواخر يونيو/ حزيران 2018، نشرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة مذكرة كان قد وجهها عدد من خبراء الأمم المتحدة إلى السلطات السعودية، يعربون فيها عن “قلقهم الشديد بشأن عمليات التوقيف والاحتجاز التعسفي الممارسة على نطاق واسع ومنتظم للأفراد، بمن في ذلك المدافعون عن حقوق الإنسان، بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والمعتقد والتجمع وتكوين الجمعيات”.

المذكرة المؤرخة في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2017، أشارت إلى أسماء 15 شخصًا رفعت الكرامة قضاياهم إلى الإجراءات الخاصة، من بينهم المحامي والمدافع الحقوقي عيسى النخيفي، وتسعة أعضاء في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في المملكة العربية السعودية (حسم).

وفي المذكرة، نبه كل من المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمعني بحرية الدين أو المعتقد، والمعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، نبّهوا المملكة العربية السعودية إلى التزامها كعضو حينها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة “بضمان احترام أعلى المعايير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان”. وجددوا توصياتهم السابقة التي تدعو إلى الإفراج الفوري عن جميع الضحايا المذكورين. كما طلبوا في رسالتهم من الحكومة تقديم معلومات عن التدابير المتخذة لجعل تشريعات مكافحة الإرهاب والتشريعات المرتبطة بالأمن تتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

تحث الكرامة الحكومة السعودية مجددًا على إطلاق سراح كل معتقلي الرأي وإلغاء الأحكام الجائرة بحقهم، وتخص بالذكر الذين صدرت بحقهم آراء من فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي والذين كانت الكرامة راسلت بشأنهم كلًا من هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية.

Hany Khater

د. هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، إضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، وهو أيضًا رئيس تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المواقع الأخرى. يعد هاني خاطر صحفيًا ومؤلفًا ذو خبرة عميقة في مجال الصحافة والإعلام، متخصصًا في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات. يركز في عمله على تسليط الضوء على القضايا المحورية التي تؤثر على العالم العربي، ولا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. على مدار مسيرته المهنية، نشر العديد من المقالات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في بعض الدول العربية، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالفساد الكبير. يتميز أسلوبه الكتابي بالجرأة والشفافية، حيث يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات. يؤمن هاني خاطر بدور الصحافة كأداة للتغيير، ويعتبرها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومحاربة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!