Blogتحقيقات

قمع وانتهاكات حقوق الإنسان والاعتقال التعسفي في المغرب: بداية بــ هاني خاطر حتى عبد الباسط الإمام

كتب هانى خاطر

المغرب يُعتبر من البلدان التي تُظهر تناقضًا بين تصريحاتها الرسمية حول التقدم في مجال حقوق الإنسان وبين الممارسات القمعية التي تحدث على أرض الواقع.

تستمر انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، حيث يُعد الاعتقال التعسفي أحد الأدوات الرئيسية المستخدمة لإسكات الأصوات المعارضة، بما في ذلك الصحفيون والنشطاء الحقوقيون الذين يُعتبرون مهددين من قبل السلطات.

 الاعتقال التعسفي : أداة للقمع السياسي

تستخدم السلطات المغربية الاعتقال التعسفي كوسيلة لقمع المعارضة وإسكات الأصوات الحرة. ويواجه العديد من الصحفيين و الحقوقيين والنشطاء السياسيين اعتقالات غير مبررة وتهمًا ملفقة تُستخدم كغطاء قانوني للقمع، يتم في الغالب احتجاز هؤلاء الأفراد دون مذكرات قضائية أو أسباب قانونية واضحة، ويتم تلفيق تهم تتعلق بالأمن أو الإرهاب او مذكرات دولية ( نشرة حمراء) لهم كذريعة للاعتقال.

 قضية هاني خاطر: قمع حرية التعبير والملاحقة القانونية

قضية هاني خاطر تُعد واحدة من أبرز الأمثلة على استهداف السلطات المغربية للصحفيين والنشطاء. هاني خاطر، رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان (كندا)، عانى من الاعتقال التعسفي لمدة 49 شهرا وسوء المعاملة والإهمال الطبي وحملات تشويه وملاحقة قانونية في المغرب بسبب نشاطه الإعلامي بمصر ودعواته العلنية للإصلاح واحترام حقوق الإنسان.

تعرض خاطر للتهديد والمضايقات المتكررة، وواجه تحديات كبيرة في ممارسة نشاطه الصحفي بسبب تعبيره عن آراء مخالفة للسلطة وانتقاده للسياسات الحكومية، ما يُظهر بوضوح استغلال السلطات لنفوذها لقمع حرية التعبير.

 حميد المهداوي : الصحفي الذي دفع ثمن الكلمة الحرة

حميد المهداوي هو صحفي مغربي بارز عُرِف بشجاعته في مواجهة الفساد وكشف الحقيقة. في عام 2017، تم اعتقاله بتهمة “عدم التبليغ عن جريمة تهدد أمن الدولة” بعد أن تلقى مكالمة هاتفية مشبوهة ا.

حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، في محاكمة وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها سياسية وغير عادلة. تعرض المهداوي خلال احتجازه لسوء المعاملة والحرمان من حقوقه الأساسية، ( نفس المؤسسة التي احتجز بها هانى خاطر ” تيفلت 2 “)مما أثار احتجاجات محلية ودولية تضامناً معه ومع قضيته. تُعَدُّ قضية المهداوي مثالاً على القمع الذي يتعرض له الصحفيون في المغرب عندما يحاولون نقل الحقيقة.

 اعتقال الدكتور عبد الباسط الإمام: استمرار القمع

مؤخرًا، شهد المغرب حالة جديدة من القمع تمثلت في اعتقال الدكتور عبد الباسط الإمام، وهو شخصية أكاديمية معروفة بمصر وتركيا. يُعد اعتقال الدكتور الإمام مثالًا آخر على الاستهداف الممنهج للأفراد الذين يطالبون بالإصلاحات أو يعبّرون عن آرائهم. ظروف احتجازه كانت غير واضحة، مما يعكس نمط الاعتقال التعسفي الذي يُمارس ضد المعارضين في المغرب.

 التعذيب وسوء المعاملة في السجون: انتهاك للحقوق الأساسية

تشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز والسجون المغربية لا يزالان منتشرين. العديد من المعتقلين السياسيين يعانون من الإهمال الصحي والحرمان من الرعاية الطبية اللازمة، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة. في حالات عديدة، تم تسجيل تعرض المعتقلين للضرب والاعتداء النفسي، بالإضافة إلى التهديد بالانتقام من أفراد عائلاتهم.

قضية هانى خاطر وسليمان الريسوني وعمر الراضي، الصحفيين اللذين تم اعتقالهما ومحاكمتهما بتهم جنائية زائفة، تُعد مثال صارخ على التعذيب النفسي وسوء المعاملة والإهمال الطبى التي يتعرض لها النشطاء في السجون المغربية، ظروف الاحتجاز السيئة وعدم توفر محاكمات عادلة أظهرت للعالم أجمع كيف يتم استغلال النظام القضائي كأداة سياسية.

 القمع القضائي وتوظيف العدالة لأغراض سياسية

من أبرز سمات النظام القضائي في المغرب هي التبعية السياسية، تُظهر العديد من القضايا، بما فيها قضايا هاني خاطر وحميد المهداوي ومؤخرا عبد الباسط الإمام، كيف يتم استخدام المحاكم والتهم الملفقة كوسيلة لقمع الأصوات المعارضة. المحاكمات تفتقر إلى الشفافية، وغالبًا ما تُصدر الأحكام دون أدلة دامغة، مما يُظهر التلاعب الصارخ بالقضاء وتسييس العدالة.

 تدهور أوضاع حقوق الإنسان والتضييق على الحريات

القمع في المغرب لا يقتصر فقط على الاعتقال التعسفي، بل يمتد إلى التضييق على حرية التعبير والتجمع. السلطات تراقب وسائل التواصل الاجتماعي وتلاحق الأفراد بسبب منشوراتهم الإلكترونية. يتم أيضًا استخدام القوة المفرطة لتفريق الاحتجاجات السلمية، كما حدث في احتجاجات الريف (2016-2017) التي شهدت اعتقال مئات النشطاء والمتظاهرين وتوجيه اتهامات ملفقة لهم.

 ظروف الاحتجاز والمعاملة غير الإنسانية

السجون في المغرب تُعرف بظروفها القاسية والمعاملة غير الإنسانية، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك الحرمان من الرعاية الصحية والاحتجاز في زنزانات ضيقة وغير صحية. تقارير حقوق الإنسان توثّق تدهور حالة المعتقلين، بما في ذلك قضايا مثل قضية الصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني، وأخيرًا قضية الدكتور عبد الباسط الإمام.

 التلاعب بالقضاء وانعدام العدالة

النظام القضائي في المغرب يتعرض لانتقادات واسعة بسبب افتقاره للاستقلالية. يتم استغلال القضاء كأداة لقمع المعارضة، حيث تُوجه التهم دون أدلة قوية وتصدر الأحكام القاسية بحق المعتقلين السياسيين. قضايا مثل قضية هاني خاطر والدكتور عبد الباسط الإمام تُظهر التلاعب الصريح بالقضاء وتوظيفه لأغراض سياسية.

تمثل قضايا مثل هاني خاطر و وحميد المهداوي وسليمان الريسوني وعمر الراضي ومؤخرا عبد الباسط الإمام هذه القضايا ليست حالات فردية، بل هي جزء من نمط متكرر من القمع وانتهاك حقوق الإنسان في المغرب. يتم استخدام الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة كأدوات رئيسية لإسكات الصحفيين والمدافعين عن الحقوق، مما يضع المغرب في دائرة الانتقادات الدولية. تُعد هذه الممارسات انتهاكًا صارخًا للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها المغرب، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

في ظل هذه الأجواء القاتمة، يبقى الأمل معقودًا على تضامن المجتمع الدولي والضغوط المتواصلة من منظمات حقوق الإنسان لإجبار الحكومة المغربية على احترام حقوق مواطنيها والكف عن ملاحقة الأصوات الحرة التي تناضل من أجل العدالة والحرية.

Hany Khater

د. هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، إضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، وهو أيضًا رئيس تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المواقع الأخرى. يعد هاني خاطر صحفيًا ومؤلفًا ذو خبرة عميقة في مجال الصحافة والإعلام، متخصصًا في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات. يركز في عمله على تسليط الضوء على القضايا المحورية التي تؤثر على العالم العربي، ولا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. على مدار مسيرته المهنية، نشر العديد من المقالات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في بعض الدول العربية، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالفساد الكبير. يتميز أسلوبه الكتابي بالجرأة والشفافية، حيث يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات. يؤمن هاني خاطر بدور الصحافة كأداة للتغيير، ويعتبرها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومحاربة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!