أخبار العالمحقوق الانسان

ناجٍ من الروهينغا يطالب هيئة تنظيمية أمريكية بالتحقيق في دور ميتا المحتمل في الفظائع المرتكبة في ميانمار

الولايات المتحدة

تقدم الناشط الحقوقي والناجي من الفظائع المرتكبة ضد الروهينغيا، ماونغ سويدالله، بشكوى إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، مطالبًا الهيئة بالتحقيق في احتمالية انتهاك شركة ميتا لقوانين الأوراق المالية، ويستند الاتهام إلى مزاعم بأن الشركة قدمت لمساهميها معلومات مضللة بشأن دورها الكبير في ما وصفته الحكومة الأمريكية بالإبادة الجماعية ضد شعب الروهينغيا في ميانمار عام 2017. وقُدمت الشكوى بدعمٍ مشترك من منظّمة العفو الدوليّة، ومبادرة العدالة في المجتمع المفتوح، والمنظمة الدولية للدفاع عن الضحايا.

تُقدم الشكوى معلومات حول الدور المزعوم الذي لعبته شركة ميتا في الفظائع التي ارتُكبت ضد الروهينغيا، وتسلط الضوء على التصريحات المضللة المقدمة إلى هيئة الأوراق المالية ومستثمرين القطاع العام. ونأمل أن تنظر الهيئة في الشكوى، وأن تحقق في أي انتهاكات محتملة لقوانين الأوراق المالية الفيدرالية من طرف ميتا.

ماندي موداريكوا، مديرة برنامج التقاضي الاستراتيجي في منظمة العفو الدولية

توضح الشكوى المقدمة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وهي وكالة مستقلة مسؤولة عن ضمان العدالة والشفافية في معاملات المساهمين، كيف تلّقت ميتا تحذيرات متكررة من نشطاء وباحثين حول مخاطر استخدام منصة فيسبوك للتحريض على العنف ضد الروهينغيا، وذلك خلال الفترة التي سبقت أحداث عام 2017. وتشير الشكوى إلى أن ميتا، على الرغم من تلقيها التحذيرات، لم تُفصح في بياناتها الموجهة للمستثمرين عن معلومات هامة حول مخاطر وقوع عنف حقيقي على أرض الواقع.

وكشف تقرير نشرته منظّمة العفو الدوليّة عام 2022، بأن ميتا ساهمت في الفظائع المرتكبة في ميانمار ضد الروهينغيا، حيث استخدمت منصة فيسبوك خوارزميات عملت على تعزيز المحتوى التحريضي وساهمت في تقويض الرقابة عليه، مما يعد انتهاكًا لمعايير المجتمع الخاصة بالشركة، وهي القواعد التي تحدد طبيعة المحتوى المسموح بنشره على المنصة.

ووجد التقرير أن نموذج أعمال ميتا يعتمد على التحليل السلوكي الدقيق والإعلانات الموجهة، وهو ما ساهم في نشر المحتوى المسيء، بما في ذلك المحتوى المحرض على العنف. صُممت الأنظمة الخوارزمية في ميتا على نحوٍ يعزز تفاعل المستخدمين بهدف زيادة الإيرادات الإعلانية، مما أدى إلى ترويج المحتوى المسيء والتحريضي والمثير للانقسامات.

وقال ماونغ سويدالله مستذكرًا إحباطه من محاولاته غير المجدية لتنبيه ميتا بشأن المحتوى المؤذي على فيسبوك: “رأيت أشياءً فظيعة على فيسبوك، واعتقدت بأن الأشخاص الذين ينشرونها هم السيئون، لم أكن أعلم آنذاك أن منصة فيسبوك تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية. رأيت ذات يوم منشورًا أشعرني بالسوء الشديد، فحاولت الإبلاغ عنه لفيسبوك، موضحًا أن المنشور يحتوي على خطاب كراهية، ولكنني تلقيت ردًا بأن المنشور لا يتعارض مع معايير مجتمع فيسبوك”.

بالرغم من أن هذا المحتوى قد انتهك بشكلٍ صارخ معايير مجتمع فيسبوك، والتي شهدت تغييرات كبيرة مؤخرًا كجزء من تحول جديد في سياسات ميتا، فإن الشركة لم تطبق هذه المعايير بما فيه الكفاية في سياق ميانمار، ولم تُزل بشكلٍ كافٍ المحتوى المناهض للروهينغيا، لا سيما في الأشهر والسنوات التي سبقت الفظائع التي ارتُكبت في ولاية أراكان الشمالية عام 2017. وقد تفاقمت هذه الإخفاقات بسبب نقص عدد مشرفي المحتوى المتحدثين باللغات المحلية، وهو ما يُعزى إلى سياسات الشركة المتعلقة بالميزانية والتوظيف. يكشف ذلك عن قصور الشركة الواضح في الاستثمار بشكلٍ كافٍ في جهود الإشراف على المحتوى المنشور في العديد من البلدان في آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، رغم ادعاءاتها العلنية بعكس ذلك.

وقالت إيفا بوزو، المديرة التنفيذية للمنظمة الدولية للدفاع عن الضحايا: “في ميانمار، حيث كان فيسبوك منصة التواصل الاجتماعي الرئيسة، والمصدر الأوليّ للأخبار، أدى الاستخدام غير المسؤول لخوارزميات ميتا الضارة، إلى جانب غياب تدابير الحماية الكافية، إلى الترويج للحملات المناهضة للروهينغيا مما أسهم في تأجيج أعمال العنف على أرض الواقع”.

تبرز الشكوى المقدمة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تقاعس ميتا عن الاستجابة لتحذيرات المجتمع المدني المتكررة في الفترة ما بين عامي 2013 و2017 وذلك بشأن الدور المحتمل لفيسبوك في التحريض على العنف. فخلال تلك الفترة، حذر المجتمع المدني موظفي ميتا مرارًا وتكرارًا من أن المنصة تساهم في “إبادة جماعية” وشيكة، على غرار الدور الذي لعبته الإذاعات في الإبادة الجماعية في رواندا.

رغم مطالبة المستثمرين لميتا بمراجعة تداعيات أعمالها على حقوق الإنسان، أظهرت الشركة تقاعسًا واضحًا وفشلت في إبداء الشفافية الكاملة، رغم التحذيرات المتعددة التي تلّقتها بشأن تفاقم الأوضاع في ميانمار ودور فيسبوك في ذلك.

جيمس غولدستون، المدير التنفيذي لمبادرة العدالة في المجتمع المفتوح

وبين عامي 2015 و2017، أكدت ميتا للمستثمرين أن خوارزميات فيسبوك لم تسفر عن تعزيز الانقسامات، متجاهلة التحذيرات التي تلّقتها بشأن دور المنصة في الترويج للمحتوى المناهض للروهينغيا في ميانمار. وفي الوقت ذاته، لم تكشف ميتا بشكلٍ كامل في تقاريرها المالية المقدمة للمساهمين عن المخاطر التي انطوت عليها عمليات الشركة في ميانمار. بل على العكس، ففي عاميّ 2015 و2016، اعترضت ميتا على مقترحات المساهمين بإجراء دراسة لتقييم الأثر على حقوق الإنسان، أو تشكيل لجنة داخلية لمراقبة سياسات الشركة وممارساتها فيما يتعلق بالقضايا الدولية العامة، ومن ضمنها قضايا حقوق الإنسان.

وبسبب الضغط الجماهيري، اضطرت ميتا عام 2018 للاعتراف الجزئي والمتأخر بالدور الذي لعبته فيسبوك في الفظائع المرتكبة ضد الروهينغيا. إلا أنها بين عامي 2020 و2022 فشلت مرة أخرى في الحد من كبح جماح المحتوى المحرض على الكراهية والعنف، وهذه المرة ضد السكان التيغراي في إثيوبيا. وقد أسهم ذلك في تصاعد أعمال العنف الخطيرة على أرض الواقع، بخلاف مزاعم الشركة العلنية. ببساطة لم تستقِ ميتا أي دروسٍ أو عبر، ولم تتخذ أي خطوات ذات مغزى للحد من دورها في تأجيج العنف العرقي في شتى أنحاء العالم.

فالسياسات الأخيرة التي اعتمدتها الشركة في الولايات المتحدة الأمريكية مثل إلغاء التحقق المستقل للحقائق، والتي قد تُعمم دوليًا، تزيد من مخاطر مساهمة الشركة في الإضرار بحقوق الإنسان والتحريض على العنف على أرض الواقع، مما قد يؤدي لوقوع جرائم على غرار تلك التي ارتُكبت ضد الروهينغيا.

Hany Khater

د. هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، إضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام. يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان في كندا، وهو أيضًا رئيس تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المواقع الأخرى. يعد هاني خاطر صحفيًا ومؤلفًا ذو خبرة عميقة في مجال الصحافة والإعلام، متخصصًا في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات. يركز في عمله على تسليط الضوء على القضايا المحورية التي تؤثر على العالم العربي، ولا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية. على مدار مسيرته المهنية، نشر العديد من المقالات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في بعض الدول العربية، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالفساد الكبير. يتميز أسلوبه الكتابي بالجرأة والشفافية، حيث يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات. يؤمن هاني خاطر بدور الصحافة كأداة للتغيير، ويعتبرها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومحاربة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!